الجمعة، 15 أكتوبر 2010

اطلالة على نافذة الستين

بالأمس ، أهدتنى صديقة صورة أخذت لى فى عرس ابنتها، نظرت ورأيت صورتى ، يا الله أهذه أنا! انى أنظر لنفسى مرة على الأقل يوميا فى المرآة ويبدوا انى لأكثر من 20 عاما لم أعد أرانى. نعم أنظر فقط ولا أرى . فقدت احساسى بالزمن وهو يتسرب الى أيامى ويترك بصماته على ملامحى. أهذه حقا أنا؟

أن يتقدم بــك العمر,, فهذا حتمي.

ولــكــن|

أن تشيخ روحك ,, فهذا أخــتيارك

طوال السنوات المنصرمة أنظرلوجهى ولا أرى انعكاس صورتى الحقيقية . عدسات حدقتى انغلقت على صورة سابقة تعود لسنين مضت ولم تعد ترى سواها. نظرت كثيرا الى يدى ولم ألحظ ولو مرة من قبل تلك البقع البنية المتفاوتة الشكل تتناثر على ظهر كفاى كخريطة لعمر انساب رملا بين اصابعى . وألحظ أيضا عروقا جفت وتخضبت باللون الأزرق المخضر فى غفلة منى كخطوط ترحال لسنين سقطت منى سهوا أم عمدا لا فرق ولكنها ضاعت من الذاكرة والتى أوشكت أن تفقد حدتها من كثرة ما طبع عليها، ساعات تمحى وأخرى تسجل على الشريط حتى أوشك أن يرتهل ويبلى بل لم تعد تسعفنى تلك الذاكرة فى تذكر الأسماء قبل الوجوه ، ناهيك عن الأرقام وأماكن تركت فيها مفاتيحى أو شيئا ثمينا حفظته فيها .

طوال سنوات امضى سائرة بمركبتى انتقل فى طرق لم أخترها أحيانا أو اخترتها بعمد أو بغير عمد أحيانا أخرى. سنين أنتقل من طريق رئيسى الى آخر فرعى يقودنى الى متاهات و طرق ممدودة أومسدودة ، طرق تفاجئنى فيها مقبات ومطبات . كنت أظن أن المقبات من صنع الزمن أتسلقها للوصول الى غاية ما أنشدها ، وأن المطبات من صنع الآخرين لعرقلتى عن غاية أخرى لم أنشدها.

لسنوات عديدة وأنا أمشى مترجلة حتى تعبت . سنوات ضاعت فيها خطواتى المتمهلة اكتشافا واستطلاعا حتى أنت قدماى بحملى وحمولتى. وسنوات تلاحقت أنفاسى من الركض سعيا للرزق وللمكانة المنشودة وتحقيقا للذات حتى بات الركض خطرا على حياتى وقلبى فتناقصت سرعتى حتى قاربت الصفر. كأنى ظللت واقفة طوال تلك السنوات لم أبرح النقطة ذاتها ، أو كنت أدور فى دائرة مغلقة تردنى الى ذات المكان دون أن أدرى انه لم يكن مقدرا لى سواه ولكنه العناد الذى ضللنى أحيانا والاصرار الذى كنت أظنه فضيلة أتحلى بها. وأسأل نفسى هل عدمت الفطنة لأرى ذلك فى وقت أبكر؟ وهل كان نظرى مصوبا للأبعد فلم أرى الأقرب؟ هل سبق طموحى قدرتى؟ أم كانت قدرتى عائقا لى أو لمن حولى فأجهض ذلك الطموح؟
أنظر للمرآة واتحقق من ملامحى أهذه حقا أنا؟ كيف انشغلت عن نفسى فلم أرى هذه الخطوط حول عينى ؟ تحول اندهاشى بما اختبرته فى الحياة فى كل مرة الى خط صغير حتى تكاثرت الخطوط ثم تشبتت وتيبست فى ملامحى حتى فقدت القدرة على الإندهاش فاحتفظت بنظرة الإندهاش الأخيرة كذكرى لحماس فقدته مع تقدم العمر .

لم لم أشعربالزمن وهو يحفرأخاديده حول فمى؟ هل من الإفراط فى الإبتسام أم من الزيادة فى التجهم؟ وجهى كان يفضحنى دائما ولم أفلح أبدا فى صنع قناعا واحدا أدارى خلفه حقيقة مشاعرى المتضاربة من فرح وحزن وارتياح وغضب كرد فعل لما مررت به وما مر بى من أحداث.

درت فى دائرة حسبتها واسعة ولم ادرى أنها هى ذاتها حبل الوريد الذى ولدت به ولم يتم أبدا قطعه ، ظللت أدور به حول نقطة البداية حتى التف تماما حول مطاف حياتى وبدأت الدائرة تضيق عبر السنين حتى يكاد الحبل أن يردنى الى نقطة بداية النهاية . أحس بها وشيكة ولكن لرحمة من ربى أنظر حولى ولا أراها.

و ها أنا أردد مقاطع من قصيدة للشاعر على سلامة " مساحة قلبي"
انا بخير .. و زي الفل و الريحان ..و قلبي اللي كبر فجأة قبل الآوان
لا بيعجز ..ولا بيشيخ .. ولسه طفل زي زمان ..
بطعم الفرح وريحة الأرض ساعة المطر
ورغم إني فى قلب الخطر
انا حاسس بأن الدنيا لسه امان
وإيه كمان ..ولو قربت مني يا حزن ولو فكرت تئذيني ..
منين ما بروح بلاقي حضن قادر لسه يحميني ..
و اقلق ليه...وانا امي اللي كانت لما تدعيلي
تقولي روح .. ربنا ما يحوجك لحد
تعيش حر .. كما العصفور
ولا يدخل في قلبك برد
ولو تفهم ف دمع العين ....كنت عرفت ان الألم ما يكسرنيش
ده بيقربني من روحي
تروح انت .. و روحي تعيش ..
واقلق ليه ..مفيش ف القلب غير غنوه
كلام بيرم وصوت درويش
وعمري ما اتوه في وسط قلوب بعرفها وعرفاني ..
و مهما تضيق ..مساحة قلبي أد الكون
ما دام النسمة وصلاني ..
واقلق ليه ..و انا الخطوة اللي وخداني
تقربني .. ما تبعدنيش ..
" علي سلامة"

هناك تعليق واحد:

نبض الكلمات يقول...

حلوة قوى .(nahla m mahrous)